أيها الطير قف لتبكي معي هول فاجعة سالت جراها ادمعي
أيها الشادي غرد أنشودة حزنٍ فالكون يبكي من هول مفجعي
رفرفت طيور الربيع إبان رحيلها فأي طير غيرك سيبقى معي
كل الطيور لا عش لها في قلبي غير عشك الحاني دافئ ألمضجعي
رحلت ورحل الكل من بعضي وفكري رحل معهم ولم يرجعِ
ودمعِ تنساب كأنها مطر بل شلال من تسعين ينبوعِ
تجري دموعي وما يجدي جُريها ويبكي قلبي وما البكأ ينفعِ
حزن الفراق كبل فؤادي المتيمُ وظل ينهش منه ومن قلبي يرتعِ
نظرت للسماء فكأنها اعتادت ألبكا وأنصت للبحر فضج بكاه مسمعي
اليوم علمت لماذا السماء تبكي وعلمت كيف يكون الفراق أفزعِ
اليوم علمت لماذا السماء تبكي وحين تعانق بعضها تتصدعِ
وعلمت اليوم قسوة الفراق وحدةِ كيف يمزق القلب قطعاً ويوزعِ
إنه الفراق إذا حل بقلب محبٍ أرضعه كأس العذاب وبئس المرضعِ
إنه الفراق إذا نزل بقوم إخوةٍ سقاهم سماً مرير الطعم ناقعِ
إنه الفراق يذبل كل قلبٍ قائما يعلو بحبه كغصن يافعِ
فماذا أقول لحباً في الله تملاكني نمت عروقه مع عروقي وتفرعِ
وماذا أقول للحياة إذا استوحشت جرأَ فراقنا وغدا انسنا مضيعِ
وماذا أقول للرياح إذا هبت وقد اعتادت مجالسنا والمجمعِ
وماذا أقول للأيام إذا بكت فراقنا وغدت للمرارة تشرب وتتجرعِ
كالرضيع يتجرع مرارة إفطامهِ عملاً بأقدار صاغ حكمتها مشرعِ
وقفت إمام النجوم محاكياً أسألها علّ جوابها لبؤسي يردعِ
لم ترد لأكنها لاحت بنورها ثم اختفت فزادت بذالك أدمعي
وهب الريح يُأنس وحشة ذكرياتي وينعي ساعات الوصال والمجمعِ
طلبت من الرياح تخبرك أني سأظل انتظرك بمحراب صومعي
حتى تعود من خلف المدى أو أظل في سجن نحيبي قابعِ
أسير في الليل تائهٍ وحدي حاملً بقلبي من ذكراك أشمعي
وكابوس الفراق يصارعني يلاحقني حتى خلعت جراه فكري وأظلعي
فضقت من الدنيا وضاقت بيا فلا يسع نحيبي سوى الفضاء الأوسعِ
فو الله مثلك ما رأت أم عيني ولا محاسنك عن حياتي ستجزعِ
تمنيت البقاء قربك وتبقى معي لكن الأقدار كانت هي الأسرعِ
ودعتك والقلب كله آهاتٍ وصدى ألاه ملأت صنوان مسمعي
فمهما طوى الزمان مجالسنا تضل القلوب مع بعضها ترتفعِ
تحلق في سماء الأخوة وتشتكي من شرب كأس الحزن الأوجعِ
ويبتغي الحزن من حبنا مصرعةً وحبنا لا ينتهي ببعدٍ أو مصرعِ
كلمات /عمر القصيص